اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 203
اليقين الا وهم الذين قد حضروا ووصلوا بل اتصلوا وانقطع سيرهم وحاروا الى ان تاهوا وفنوا لا اله الا هو كل شيء هالك الا وجهة
وَيقولون ايضا من غاية تحسرهم وتعطشهم ما لَنا لا نُؤْمِنُ اى اى شيء عرض لنا ولحق بنا ان لا نصدق ولا نذعن بِاللَّهِ المتوحد المتجلى في الأكوان المستغنى عن مطلق الدلائل والبرهان وَلا نتبع ولا نمتثل لعموم ما جاءَنا مِنَ دلائل الْحَقِّ وبيناته وَمع ذلك قالوا راجين ذلك نَطْمَعُ ونرجو أَنْ يُدْخِلَنا رَبُّنا بلطفه في مقعد صدق عنده مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ لتلك المرتبة العليا وبعد ما توجهوا الى الله وأخلصوا فيما أظهروا
فَأَثابَهُمُ اللَّهُ العليم الحكيم الجواد الكريم وأورثهم بِما قالُوا راجين مناجين متمنين متحسرين جَنَّاتٍ منتزهات العلم والعين والحق تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يعنى انهار المعارف والحقائق المنتشئة من جداول السنة ارباب الكشف واليقين ليحيى بها بلدة ميتا من قلوب المحجوبين المسجونين بسلاسل التقليدات وأغلال الدلائل الواهية والتخمينات الغير الكافية خالِدِينَ فِيها دائمين مستمرين ما شاء الله لا حول ولا قوة الا بالله وَبالجملة ذلِكَ الفوز العظيم والفضل الكريم جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ الواصلين الى مرتبة حق اليقين
وَالَّذِينَ كَفَرُوا بوحدة ذاتنا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا الدالة عليها المبينة لطريقها أُولئِكَ البعداء المحبوسون في مضيق الإمكان أَصْحابُ الْجَحِيمِ وملازموها لا نجاة لهم منها ولا خلاص لهم من غوائلها ثم لما بالغ النصارى في الاعراض والترهب عن حظوظ الدنيا ولذاتها وشهواتها الى حيث يحرمون لأنفسهم ما أحل الله لهم وافرطوا فيه الى حيث لم يبق مزاجهم على الاعتدال الذي جبلوا عليه أراد سبحانه ان ينبه على المؤمنين طريقا مستقيما وسبيلا واضحا متوسطا بين طرفي الإفراط والتفريط ليلا يؤدى الى تخريب المزاج وتحريفه إذ للحق سبحانه في إيجاد الأمزجة وإظهارها حكم وصنائع عجيبة وبدائع غريبة منتشئة من محض الحكمة المتقنة الجامعة لجميع الأوصاف الذاتية الإلهية من العلم والقدرة والارادة وغيرها من أمهات الأوصاف والأسماء
فقال مناديا يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا وصدقوا دين الإسلام وامتثلوا بجميع ما أمروا ونهوا عنه عليكم ان لا تُحَرِّمُوا لأنفسكم طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ العليم الحكيم لَكُمْ وأباحها عليكم في دينكم وَعليكم ان لا تَعْتَدُوا ولا تجاوزوا عن حدوده سبحانه ترهبا وتزهدا مفضيا الى الرياء والسمعة إِنَّ اللَّهَ المدبر لمصالح عباده لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ المتجاوزين عن مقتضى تدبيره وإصلاحه
وَبعد ما سمعتم ايها المؤمنون المكلفون ما سمعتم كُلُوا من طيبات مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ المتكفل لأرزاقكم حَلالًا غير مسرفين في أكلها طَيِّباً من كد يمينكم مقدار ما يقوم مزاجكم ويقويكم على اقامة أوامر الله وأحكامه وَبالجملة اتَّقُوا اللَّهَ المنتقم الغيور الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ موقنون بوحدته مخلصون في توحيده واحذروا منه سبحانه عن مجاوزة حدوده وارتكاب محظوراته واعلموا ان خير قرينكم في دنياكم واخراكم تقواكم ورضاكم لذلك أوصاكم سبحانه ومن جملة الأمور التي تجب محافظتها عليكم في معاشكم لتكونوا من المتقين المبرورين عند الله ان لا تجترؤا على اليمين والحلف بالله في الوقائع والعقود سيما على الوجه الكذب وترويج الشيء قصدا واختيارا حتى لا تنحطوا عن مرتبة العدالة الفطرية الخلقية ولا تلحقوا بالأخسرين الذين ضل سعيهم في الحيوة الدنيا الا ان يصدر الحلف عنكم هفوة بغتة بلا قصد على ما هو المتعارف عند العرب في أثناء اكثر الكلام لا والله بلا إغراء وتمويه فانه معفو عنكم
كما قال سبحانه لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 203